إن تأسيس المحكمة العربية للتحكيم يُعد محطة بارزة وإضافة نوعية في مسيرة العمل القانوني والاقتصادي العربي المشترك، وخطوة استراتيجية تهدف إلى ترسيخ بيئة آمنة ومستقرة للاستثمار، تتناغم مع متغيرات العصر وتلبي تطلعات شعوب أمتنا العربية نحو آليات متطورة وعادلة لفض النزاعات التجارية والاقتصادية.
لقد جاءت المحكمة العربية للتحكيم، بقرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، كمؤسسة تحكيم مستقلة تُعنى بتسوية المنازعات الاستثمارية والتجارية، وتقديم خدمات تحكيم مؤسسي وخاص وفق أعلى المعايير الدولية، مع الحرص الكامل على احترام خصوصية الأنظمة القانونية العربية ومتطلبات التنمية المستدامة في منطقتنا.
وفي هذا المقام، لا يسعني إلا أن أتوجه بجزيل الشكر وعميق التقدير إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، على دعمه الكريم وتوجيهاته الحكيمة، التي كان لها الأثر البالغ في تخصيص مقر مؤقت للمحكمة في قلب العاصمة القاهرة، لحين انتقالها إلى مقرها الدائم ضمن “مدينة العدالة” بالعاصمة الإدارية الجديدة، في خطوة تعكس إيمان القيادة المصرية العميق بدور المؤسسات العربية المشتركة في دعم الاستقرار والتنمية.
إن رسالة المحكمة العربية للتحكيم لا تقتصر على تسوية المنازعات، بل تتسع لتشمل نشر ثقافة التحكيم في أوساط المجتمع العربي، وتأهيل كوادر متخصصة من المحكمين والخبراء العرب، وتنظيم المؤتمرات، والبرامج التدريبية، وإعداد الدراسات والبحوث القانونية المتخصصة، بما يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين ويدعم مسيرة التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.
وسنمضي بعون الله وعزيمتنا الصادقة نحو تطوير آليات العمل وتقديم خدمات تحكيمية متطورة، شفافة، وسريعة، تحفظ الحقوق وتدعم بيئة الاستثمار، وتواكب أفضل الممارسات الدولية، بما يحقق مصالح مجتمعاتنا واقتصاداتنا العربية ويعزز مكانة القضاء التحكيمية العربي في المحافل الإقليمية والدولية.
والله ولي التوفيق.